الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة تزامنا مع فعاليات المونديال: بيت الرواية يحتفي بـ"باغندا" شكري مبخوت ونقاش حول علاقة كرة القدم بالرواية والأدب العالمي

نشر في  22 جوان 2018  (11:05)

انعقدت ببيت الرواية بتونس يوم 20 جوان 2018 جلسة أدبية مع الروائي شكري المبخوت تحت عنوان: كرة القدم والرواية. وذلك تزامنا مع فعاليات كأس العالم لكرة القدم روسيا 2018، واحتفاء برواية "باغندا" للمبخوت الصادرة سنة 2016 عن دار التنوير.

أدار الجلسة الروائي محمد الحباشة. و"باغندا" هو اسم الشخصية محور الرواية، وهو لاعب كرة قدم ملأ الدّنيا وشغل الناس، قبل أن يختفي فجأة تاركا الحيرة تسكن الجميع، وتسكن بالأخصّ صحفيا استقصائيا قرّر أن يتّبع شبح هذا اللاعب- الأسطورة.

ويتداخل في رواية "باغندا" عالم كرة القدم بعالم السياسة وعالم الجريمة، في مناخ بوليسيّ لم يهمل ما هو اجتماعيّ وما هو حميميّ – فردي. وتحدّث الحباشة في تقديمه للجلسة عن علاقة الرياضات بالآداب والفنون، وبالأخص علاقة كرة القدم بالرواية والأدب العالمي، وكيف اهتمّ بهذه اللعبة أدباء كبار مثل إدواردو غاليانو.

واستهلّت الجلسة بقراءات من رواية "باغندا" أمّنتها كلّ من رفقة اليعقوبي ووداد أحمد عيسى. وتحدّث المبخوت في شهادته عن شغفه بكرة القدم منذ طفولته، وهو ما جعله بعد أربعين عاما يكتب عنها رواية وفي معرض حديثه عن هذا يقول: " يطفو اليوم، وأنا أكتب هذه الشّهادة عن تجربتي مع "باغندا"، المشهد المتكرّر يوميّا.

فبُعَيْد منتصف النّهار يعود أبي من الحصّة الصباحيّة للعمل على درّاجته ليتغدّى ويستريح قبل أن يستأنف كأيّ موظّف محترم شغله. وكان الإخوة الثلاثة ينتظرون عودته لأنّه سيحمل معه جريدة "الصباح" الّتي فتحوا أعينهم عليها في البيت.

كان موعده مع الجريدة بعد الغداء مباشرة وهو يترشّف كأس الشّاي قبل أن يأخذ نصيبا من قيلولة قصيرة. وبين الغداء والقيلولة تبدأ معركة الفوز بالغنيمة. كان الفائز الأوّل بالجريدة يفتحها مباشرة من صفحاتها الخيرة، صفحات الرياضة.

ولم يكن للطّفل الّذي سيكتب بعد أربعين عاما تقريبا روايته عن باغندا إلاّ أن يقلّد الأخوين. في الصفحات الرياضيّة كان يكتب الأخوان حسن وحسين عطيّة، ويوم الأحد كان لكاتب بارع هو إبراهيم المحواشي ركن "قهوة الأحد" يتناول فيه قضيّة رياضيّة.

يذكر اليوم بكلّ وضوح هذه الأسماء الثلاثة التي فتنته بأسلوبها في كتابة المقال الصحفيّ الرياضيّ." وتأثّر المبخوت وهو يذكر في شهادته لاعب كرة قدم من أبناء حيّه القدامى، انتهى إلى النسيان والتهميش، وهو "ماتسيما"، ويؤكد المبخوت أنّ جزءا كبيرا من ملامح شخصيّته "باغندا" هي ملامح "ماتسيما"، ويتذكّره قائلا " أذكر اليوم لاعبا فذّا أسمر اللّون، وأذكر بالخصوص تلك الضربة المقصّية الّتي سقط بعدها على الأرض المبلّطة حجارة، قبل أن يدخل الإسفلت النّاعم أزقّتنا وأنهجنا، دون أن يمسّه سوء. إنّه "ماتسيما" ذاك الشاب النّحيل الطّويل (هل كان طويلا أم كانت عين الطفل تراه كذلك؟).

كان مبهرا بمراوغاته وقفزاته وفنّياته وتسديداته الرأسيّة. هو اليوم في وضع بائس بسبب الفقر وأشياء أخرى من معاناة أبناء الأحياء الشعبيّة. وليس من باب الصدفة أن يكون البطل الّذي منح الروايةَ اسمَه لاعبا أسمر يشبه "ماتسيما" الّذي في ذاكرتي."

وفي إجابته على أسئلة المحاور، تحدّث المبخوت عن مسألة نخبوية الرواية مقارنة بكرة القدم وهو ما دفع كاتبا كبيرا مثل "بورخس" إلى احتقار هذه الرياضة، وأكّد بأنّ على الكتّاب والمثقفين تجاوز هذه النظرة الدونية لكرة القدم والتي تجعلها تسير في خطّ متواز مع الأدب. وأنّ ما رواية "باغندا" سوى مصالحة بينهما.

وأشار كذلك إلى أنّ عالم كرة القدم، يغري بكتابة الرواية، وذلك لتلك الجوانب الخفية التي تحدث خارج الملاعب، وقال بأنّه من السذاجة اعتبار كرة القدم مجرّد لعبة تنتهي في تسعين دقيقة، بل هي أكثر من ذلك بكثير. وأكّد المبخوت أنّ جانب البحث في مادّة "باغندا" كان يسير جنبا إلى جنب مع عفويّة الكتابة الروائية، والتي لا تمكن أن تكون تخطيطا دائما وكاملا.

ولامس البحث جوانب تقنية في كرة القدم والنبش في أرشيف الصحافة التونسية أيضا. وتفاعل الجمهور مع الروائي شكري المبخوت بأسئلة استقبلها بجدّية ومرح، وتناولت الأسئلة علاقته هو ككاتب بشخصياته وبكرة القدم وأسئلة متعلّقة بعملية الكتابة الروائية.

وانتهى اللقاء بتوقيع الكاتب لقرّائه نسخا من رواية "باغندا".